رحيل فاهان تلبيان: وداع فنان مزج بين الروح المصرية والأرمنية

في صبيحة اليوم، غيّب الموت الفنان التشكيلي المصري الأرمني فاهان تلبيان، عن عمر ناهز 61 عامًا، مخلفًا وراءه إرثًا فنيًا يعكس مزيجًا عميقًا بين ثقافتين امتزجتا في شخصيته ومسيرته.

كان تلبيان أحد الأسماء البارزة في المشهد التشكيلي المصري المعاصر، حيث تميز بتجريبه المستمر بين الرسم والنحت، وبحضوره الفاعل في الساحة الفنية المحلية والدولية منذ مطلع الثمانينيات.

من الجامعة إلى مشهد الفن المصري

ولد فاهان تلبيان عام 1963 وتخرج من كلية التربية الفنية بجامعة حلوان عام 1988، حاملاً معه رؤية فنية خاصة جمعت بين الحس الإنشائي والتجريدي. انخرط في الحياة الفنية منذ سن مبكرة، مشاركًا في معارض جماعية منذ عام 1983، وبنى لنفسه مكانة مميزة وسط الفنانين، حتى أصبح عضوًا في نقابة الفنانين التشكيليين.

حضور مستمر في المعارض والفعاليات

شكلت المعارض الخاصة محطات رئيسية في حياة تلبيان الفنية، مثل معرضه الأول بجاليري كايرو برلين عام 1992، حيث عرض أعمالًا جمعت بين التصوير والنحت. تكررت إسهاماته في مجمع الفنون بالزمالك، لتكشف عن أسلوبه المتطور في التعامل مع المواد والفراغ، كما ترك بصمته في صالون الشباب بعدة دورات، أبرزها الدورة السادسة عام 1994 التي فاز فيها بجائزة تقديرية.

لم تقتصر مسيرته على المحافل المحلية؛ فقد شارك في سمبوزيوم النحت الدولي في أسوان عام 1999، وبرز في بينالي القاهرة الدولي للخزف، ليجعل من فنه مساحة حوار مع العالم.

خبر مفاجئ يهز الوسط الفني

رحيل تلبيان جاء بمثابة صدمة لمحبيه وزملائه في الوسط التشكيلي. كان الفنان شخصية محبوبة وهادئة، مشغولًا على الدوام بتطوير أدواته الفنية والبحث عن مساحات جديدة للإبداع. في حياته، لم يكن يسعى إلى الأضواء، بل كان حاضرًا بعمق من خلال أعماله التي اقتنتها مؤسسات مثل متحف الفن المصري الحديث، ليظل حضوره ممتدًا حتى بعد رحيله.

أثر لا يزول

بوفاة فاهان تلبيان، يفقد الفن المصري أحد رموزه الذين حملوا في طياتهم مزيجًا من الإرث الثقافي المصري والأرمني. ومع أن جسده غاب، فإن إبداعاته ستبقى خالدة في ذاكرة الفن. تلك الأعمال التي ربطت بين الماضي والحاضر، وبين ما هو محلي وما هو عالمي، ستظل شاهدة على مسيرة فنية استثنائية تميزت بالإصرار والبحث المستمر عن الجمال.

رحم الله الفنان وألهم عائلته وأصدقائه الصبر والسلوان.