قبل ساعات من فتح باب الاقتراع: كل ما تحتاج معرفته عن الانتخابات الأمريكية وطريقة عمل المجمع الانتخابي
- Fady Philip
- 5 نوفمبر 2024
- 3 دقيقة قراءة
تعتبر الانتخابات الأمريكية واحدة من أبرز الأحداث السياسية في العالم، نظراً لأهمية الولايات المتحدة وتأثير رئيسها على السياسات الدولية. وفي الساعات الأخيرة قبل بدء التصويت، تتركز الأنظار على هذا السباق الرئاسي الذي يتحدد وفق عملية انتخابية معقدة لها خصوصياتها الفريدة، حيث يلعب "المجمع الانتخابي" دورًا حاسمًا في اختيار الرئيس.

مراحل الانتخابات الأمريكية
تتم عملية الانتخابات الأمريكية عبر عدة مراحل تبدأ من الأحزاب السياسية وتنتهي بتصويت المجمع الانتخابي وتعيين الرئيس. إليك نظرة سريعة على هذه المراحل:
مرحلة الانتخابات التمهيدية
تقوم الأحزاب السياسية الرئيسية، الديمقراطي والجمهوري، بانتخابات تمهيدية لتحديد مرشحيها للرئاسة. في هذه المرحلة، يصوّت الناخبون المسجلون في كل حزب لاختيار مرشحهم المفضل، وتنظم الانتخابات التمهيدية إما على شكل اقتراع مباشر أو تجمعات حزبية.
المؤتمرات الوطنية للأحزاب
بعد الانتهاء من الانتخابات التمهيدية، يعقد كل حزب مؤتمراً وطنياً يعلن فيه مرشحه الرسمي للرئاسة ونائبه، ويتفق على برنامج سياسي يعبر عن سياساته وخططه المستقبلية.
الحملات الانتخابية والمناظرات
يخوض المرشحون حملات انتخابية في جميع أنحاء البلاد، حيث يسافرون إلى الولايات المتأرجحة بشكل خاص، ويسعون لكسب أصوات الناخبين. وفي هذه المرحلة، تُجرى مناظرات رئاسية تشكّل فرصة للمرشحين لاستعراض برامجهم السياسية وإقناع الناخبين.
يوم التصويت العام
يُجرى التصويت في أول ثلاثاء بعد أول اثنين من شهر نوفمبر، ويشارك فيه المواطنون لاختيار من يفضلونه من بين المرشحين. ومع ذلك، فإن نتيجة التصويت الشعبي لا تحدد بشكل مباشر هوية الفائز، بل يمر عبر نظام "المجمع الانتخابي".
طريقة عمل المجمع الانتخابي
يُعدّ المجمع الانتخابي جزءًا أساسيًا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وهو نظام انتخابي غير مباشر يُستخدم لتحديد الرئيس ونائبه، بناءً على نتائج الولايات، وليس التصويت الشعبي المباشر على المستوى الوطني. إليك توضيحًا لطريقة عمل هذا النظام:
عدد أصوات المجمع الانتخابي
يتكون المجمع الانتخابي من 538 صوتاً، تمثل كل ولاية بعدد من الأصوات يعادل مجموع ممثليها في الكونغرس (أعضاء مجلس الشيوخ والنواب)، مما يعطي الولايات الأكثر سكاناً، مثل كاليفورنيا وفلوريدا، نصيباً أكبر من الأصوات. ويتطلب الفوز بالرئاسة تحقيق 270 صوتًا انتخابيًا على الأقل.
طريقة توزيع الأصوات في الولايات
تطبّق معظم الولايات نظام "الفائز يأخذ كل شيء"، حيث تذهب جميع أصوات الولاية للمرشح الذي يحصد أغلبية الأصوات الشعبية فيها. ومع ذلك، هناك ولايتان، هما مين ونبراسكا، تتبعان نظامًا مختلطًا يسمح بتقسيم أصوات المجمع الانتخابي حسب الدوائر الانتخابية.
دور الناخبين المعتمدين
عند فوز مرشح معين بأغلبية أصوات ولاية ما، يقوم ناخبون معتمدون من تلك الولاية بالتصويت في المجمع الانتخابي لهذا المرشح. وبالرغم من أن هؤلاء الناخبين ملزمون في معظم الولايات بالتصويت للمرشح الفائز، إلا أنه في بعض الحالات الاستثنائية قد يغير ناخب معتمد صوته، وإن كان هذا نادرًا للغاية.
اجتماع المجمع الانتخابي وإعلان النتائج
يجتمع المجمع الانتخابي عادةً في ديسمبر بعد التصويت العام، حيث يدلي أعضاؤه بأصواتهم الرسمية. بعد ذلك، يجتمع الكونغرس في يناير لفرز الأصوات وإعلان الفائز الرسمي بمنصب الرئيس ونائبه.
تاريخ المجمع الانتخابي
يرجع تاريخ المجمع الانتخابي إلى الدستور الأمريكي الذي تم إقراره عام 1787. وقتها، كانت هناك مخاوف من منح العامة سلطة مطلقة في انتخاب الرئيس بسبب ضعف الاتصالات والإعلام آنذاك، وتخوّف الآباء المؤسسون من تلاعب أو تأثر الجمهور بشكل كبير. لذلك، وضع النظام لضمان رقابة مدروسة وموزونة على نتائج الانتخابات من خلال المجمع الانتخابي.
على مر السنين، كانت هناك محاولات عديدة لإلغاء نظام المجمع الانتخابي واستبداله بتصويت شعبي مباشر، إلا أن هذا لم يتم بسبب صعوبات في تعديل الدستور وحاجة هذا التغيير إلى موافقة ثلثي الكونغرس ومصادقة ثلاثة أرباع الولايات، مما لم يتحقق حتى الآن.
الانتقادات والمخاوف
رغم مرور أكثر من قرنين على استخدام المجمع الانتخابي، إلا أن النظام ما زال يثير الجدل. ينتقد البعض هذا النظام لأنه قد يؤدي إلى انتخاب رئيس لم يحصل على الأغلبية الشعبية، كما حدث في انتخابات عام 2000 و2016. أيضًا، يعطي النظام للولايات المتأرجحة، مثل فلوريدا وأوهايو، قوة غير متناسبة، حيث يقضي المرشحون وقتًا وموارد كبيرة فيها مقارنة بالولايات التي تعتبر محسومة لصالح أحد الأحزاب.
أهمية الانتخابات الحالية وتأثيرها
بينما يستعد الأمريكيون للتصويت، يبرز دور المجمع الانتخابي كعامل رئيسي في تحديد الفائز، ويأمل العديد من المواطنين والمراقبين حول العالم أن تعكس نتائج التصويت فعلاً الإرادة الشعبية، وأن تتجنب البلاد أي أزمات انتخابية أو قانونية قد تؤثر على العملية الديمقراطية. إن النظام الانتخابي الأمريكي برغم تعقيداته وتحدياته التاريخية، لا يزال جزءاً أساسياً من المشهد الديمقراطي الذي تعتز به الولايات المتحدة، ويبرز على أنه نموذج فريد في العالم.
في الساعات الأخيرة قبل بدء عملية الاقتراع، تتجه الأنظار إلى مشهد يختلط فيه الإرث التاريخي بالواقع الحديث، حيث يلعب المجمع الانتخابي دور "الحَكَم النهائي" في سباق يعكس تنوع وتحديات الديمقراطية الأمريكية. وبغض النظر عن نتيجة الانتخابات، فإن الحديث عن إصلاح النظام الانتخابي قد يستمر، في ظل تنامي الدعوات لإعطاء الشعب دوراً أكبر في اختيار رئيسه بشكل مباشر.
Comments