وفاة الفنان لطفي لبيب: مسيرة فنية غنية وشهرة متأخرة يودّعها نجم الكوميديا المصرية
- Next News
- 30 يوليو
- 3 دقيقة قراءة
ودّع الوسط الفني المصري والعربي، الأربعاء، الفنان القدير لطفي لبيب عن عمر يناهز 78 عاماً، بعد مسيرة فنية حافلة بالعديد من الأعمال المتنوعة التي أثرت الشاشتين الكبيرة والصغيرة والمسرح والإذاعة. نعته نقابة المهن التمثيلية المصرية ببالغ الحزن، معبرةً عن خسارة فنان كبير ترك بصمة مميزة في قلوب الجمهور.

تدهور صحي ومسيرة عطاء متأثرة بالمرض
كان الراحل قد نُقل إلى أحد مستشفيات العاصمة المصرية بعد تدهور حالته الصحية في الساعات الأخيرة من حياته. ورغم خضوعه للمراقبة الطبية المكثفة واستقرار حالته نسبياً قبل نحو 17 يوماً، إلا أنها عادت للتدهور بشكل مفاجئ. بدأت الأزمات الصحية تلاحق الفنان لطفي لبيب منذ عام 2017، إثر تعرضه لوعكة صحية أثرت على حركة يده ورجله اليسرى. هذه الوعكة حالت دون استكماله لمشاركته في عروض مسرحية "ليلة من ألف ليلة" على خشبة المسرح القومي بالقاهرة، مما قلص نشاطه الفني بشكل ملحوظ منذ ذلك الحين، مع التزامه بالعلاج الطبيعي.
على الرغم من التحديات الصحية، حرص العديد من صنّاع السينما والدراما المصرية على الاستعانة به كضيف شرف في أعمالهم، بما يتناسب مع وضعه الصحي في السنوات الأخيرة. ومن أبرز مشاركاته المتأخرة فيلم "أنا وابن خالتي" عام 2024، الذي أتاح له الاستمرار في العطاء الفني ولقاء جمهوره.
من الدراسة الأكاديمية إلى ميادين الحرب ثم خشبة المسرح
وُلد الفنان لطفي لبيب في عام 1947 بمحافظة بني سويف. كانت بدايته التعليمية في كلية الزراعة التي التحق بها تحت ضغط والده، لكنه تركها بعد رسوبه لعامين، ليتبع شغفه بالتمثيل. قرر الالتحاق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وتخرج منه في عام 1970، ضمن دفعة ضمت نجوماً مثل الفنان محمد صبحي والراحل هادي الجيار. خلال فترة خدمته العسكرية في الجيش المصري، حصل لطفي لبيب على ليسانس الآداب، مما يعكس شغفه بالعلم والثقافة.
تركت فترة الخدمة العسكرية بصمة عميقة في حياة لبيب، فقد بدأها فور تخرجه من المعهد، واستمرت لخمس سنوات، تخللها مشاركته في حرب أكتوبر المجيدة عام 1973. وقد كان له الشرف أن يكون ضمن صفوف كتيبة المشاة التي عبرت قناة السويس، وهي التجربة التي وثقها في كتابه الشهير "الكتيبة 26"، حيث تحدث عن مرحلة خدمته في الجيش المصري. تقديراً لدوره، حاز وسام "نجمة سيناء"، أرفع الأوسمة العسكرية في مصر.
بعد انتهاء خدمته العسكرية، سافر لطفي لبيب إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث ساهم في تأسيس مسرح دبي القومي. بدأت مسيرته الاحترافية في مصر مطلع ثمانينات القرن الماضي من خشبات المسارح، بمشاركته في مسرحية "المغنية الصلعاء مازالت صلعاء". لكن الصدى الأكبر كان لمشاركته في مسرحية "الرهائن" عام 1981، التي أوقفتها الرقابة يوم الافتتاح، ولم تعرض إلا بعد أن شاهدتها لجنة من مجلس الشعب المصري، مما يدل على جرأة الموضوعات التي كان يتناولها.
400 عمل فني وشهرة متأخرة "انطلاقة ثانية"
خلال مسيرته الفنية الغنية التي امتدت لعقود، شارك لطفي لبيب في ما يقرب من 400 عمل فني، تنوعت بين المسرحي والسينمائي والإذاعي والتلفزيوني. يتذكر الجمهور العربي له عشرات الأدوار الكوميدية الناجحة التي قدمها إلى جانب أجيال من نجوم السينما المصرية.
من الأعمال الهامة التي ساهمت في انتشار لبيب، مشاركته في مسرحية "الملك" من بطولة الفنان الكبير محمد منير بين عامي 1988 و2003. لكن دوره في فيلم "السفارة في العمارة" عام 2005، إلى جانب الزعيم عادل إمام، كان بمثابة "انطلاقة ثانية له، مهدت لنقلة فنية كبرى في حياته"، كما صرح هو بنفسه في إحدى مقابلاته الصحفية. هذا الدور منحه شهرة أوسع وفتح له أبواباً لأدوار أكثر تنوعاً وتأثيراً.
لطفي لبيب لم يكن مجرد فنان كوميدي، بل كان قادراً على تجسيد أدوار جادة ودرامية ببراعة، مما جعله فناناً شاملاً ومحبوباً لدى الجمهور والنقاد على حد سواء. وداعه يمثل خسارة كبيرة للفن المصري، لكن إرثه الفني سيظل خالداً في ذاكرة الأجيال.
Комментарии