الصين تشرع في بناء أضخم سد كهرومائي في العالم: مشروع القرن يثير قلق دول الجوار

أعلنت الصين، يوم الاثنين، عن بدء أعمال إنشاء أكبر سد كهرومائي في العالم، والذي سيقام في الجزء الجنوبي الغربي من البلاد بتكلفة تقديرية تتجاوز 165 مليار دولار أميركي. هذا المشروع الضخم، الذي وصفه رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ بـ"مشروع القرن"، يأتي ضمن الخطة الخمسية الرابعة عشرة للبلاد، والتي أعلنت عنها الصين لأول مرة في عام 2020.

ويهدف المشروع، المقرر أن يقام على نهر "يارلونغ تسانغبو" (Yarlung Tsangpo)، إلى تعزيز قدرات الصين في مجال الطاقة المتجددة بشكل كبير. وسيتكون السد من خمس محطات كهرومائية متتالية في الجزء السفلي من النهر، ومن المتوقع أن تولد هذه المحطات نحو 300 مليون ميغاواط في الساعة من الكهرباء سنوياً، وفقاً لما أوردته وكالة أنباء شينخوا الصينية الرسمية. ولتوضيح حجم هذا المشروع، تجدر الإشارة إلى أن سد "الممرات الثلاثة" الصيني، الذي يُعد حالياً أكبر سد كهرومائي في العالم، قد بلغت تكلفته حوالي 35 مليار دولار وينتج 88.2 مليون ميغاواط في الساعة من الكهرباء.

مخاوف دول الجوار والتداعيات البيئية

على الرغم من الطموحات الصينية في مجال الطاقة النظيفة، يثير هذا المشروع قلقاً كبيراً في دولتي المصب: بنغلاديش والهند. فقد ذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية أن المخاوف تتركز حول احتمال قيام الصين بـحجز المياه أو تحويل مساراتها بعيداً عن أراضيهما، مما قد يهدد حياة ملايين السكان الذين يعتمدون على مياه النهر للزراعة والشرب. فالنهر، الذي يُعرف باسم "براهمابوترا" في الهند، يدخل الأراضي الهندية ثم يواصل التدفق نحو بنغلاديش.

وقد عبرت الهند رسمياً عن مخاوفها من هذا المشروع. ومع ذلك، أكد المسؤولون الصينيون أن بلادهم لا تسعى إلى "الهيمنة المائية"، ولا تعمل على "تحقيق مصالحها على حساب جيرانها". وشددت بكين على أن المشروع سيوفر فرص عمل في المنطقة ويساهم في دفع الطاقة المتجددة إلى الأمام. وفي ديسمبر الماضي، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية أن الصين ستواصل الحفاظ على قنوات التبادل مع الدول الواقعة في المصب لضمان الشفافية والتعاون.

بالإضافة إلى المخاوف الجيوسياسية، أبدى سكان مناطق التبت تخوفهم من تهجير السكان المحليين، كما عبروا عن قلقهم على المواقع المقدسة المنتشرة على طول النهر والتي قد تتأثر بإنشاء السد. في السياق ذاته، عبر نشطاء بيئيون عن قلقهم البالغ من التأثير المحتمل لهذا المشروع على الحياة البرية في المنطقة، والتي تتميز بتنوعها البيولوجي الفريد.

بينما تسعى الصين، التي تُعد أكبر مصدر لانبعاثات الكربون في العالم، إلى توسيع نطاق مشاريع الطاقة المتجددة لخفض الانبعاثات وتوفير إمدادات الطاقة، فإن هذا المشروع الضخم يضع تحدياً كبيراً أمامها في التوازن بين طموحاتها التنموية ومسؤوليتها الإقليمية والبيئية.