مصر: استهلاك قياسي للكهرباء وانقطاعات متكررة تثير التساؤلات
- Next News
- 30 يوليو
- 2 دقيقة قراءة
شهدت مصر مؤخرًا ارتفاعًا غير مسبوق في استهلاك الكهرباء، مسجلةً مستوى قياسيًا بلغ 39.4 ألف ميجاوات يوم الأحد، بزيادة قدرها 1400 ميجاوات عن أقصى معدل تم تحقيقه في العام الماضي. يأتي هذا الارتفاع المتزامن مع موجة حر شديدة تضرب البلاد، حيث وصلت درجة الحرارة في القاهرة الكبرى إلى 41 درجة مئوية مع ارتفاع نسبة الرطوبة، مما أدى إلى زيادة كبيرة في الأحمال الكهربائية. وفي الوقت الذي أكدت فيه وزارة الكهرباء قدرة الشبكة القومية على استيعاب هذه الأحمال غير المسبوقة، شهدت مناطق عديدة في الجيزة انقطاعات متكررة للتيار الكهربائي، بالإضافة إلى المياه، بسبب عطل فني أصاب محطة كهرباء جزيرة الذهب الرئيسية.

أسباب الارتفاع في الاستهلاك وتحديات الشبكة
يشير الخبراء إلى أن الارتفاع الكبير في الاستهلاك يعزى بشكل أساسي إلى زيادة الاستهلاك المنزلي، مدفوعًا بتشغيل أجهزة التبريد مثل الثلاجات وأجهزة التكييف لمواجهة درجات الحرارة المرتفعة. وقد أوضح الأستاذ حافظ سلماوي، أستاذ هندسة الطاقة بجامعة الزقازيق والرئيس التنفيذي الأسبق لجهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك، أن الاستهلاك المنزلي يستحوذ على النسبة الأكبر من إجمالي استهلاك الكهرباء في مصر، حيث بلغ 36.3% في فبراير الماضي، يليه المصانع بنسبة 29.4%. كما يتأثر استهلاك محطات المياه والصرف الصحي بارتفاع درجات الحرارة، حيث تستهلك حوالي 4% من إجمالي الكهرباء.
على الرغم من أن القدرات الاسمية لتوليد الكهرباء في مصر تتجاوز 59 ألف ميجاوات، بعد إضافة 31 ألف ميجاوات خلال الفترة من 2014 إلى 2022، إلا أن الشبكة القومية تواجه تحديات في توفير الغاز اللازم لتشغيل محطات الإنتاج. فمع انخفاض الإنتاج المحلي للغاز، تتحمل البلاد فاتورة مرتفعة لاستيراده من الخارج، مما يضيف ضغطًا ماليًا على القطاع. ويربط سلماوي استمرار ارتفاع الاستهلاك بدوام الموجة الحارة، مؤكدًا أن الشبكة قادرة على تحمل الزيادة في الاستهلاك لكنها تواجه تحديًا ماليًا في توفير التمويلات الإضافية لاستيراد الغاز.
جهود الحكومة لمواجهة التحديات ومستقبل الطاقة المتجددة
قبل بدء موسم الصيف، عقدت الحكومة المصرية عدة اجتماعات لوضع خطة لمواجهة ارتفاع الأحمال وزيادة الطلب على الكهرباء. ارتكزت هذه الخطة على توفير الوقود اللازم لتشغيل محطات إنتاج الكهرباء، مع تغيير نمط التشغيل لخفض استهلاك الوقود والوصول بمعدلات الاستهلاك إلى أقل من 65 جرام وقود مكافئ لكل كيلووات. كما تركز الخطة على تنويع مصادر توليد الكهرباء والاعتماد بشكل أكبر على الطاقات المتجددة، وتعظيم عوائدها باستخدام تقنيات تخزين الطاقة والتوسع في إقامة محطات التخزين المتصلة والمنفصلة لتحقيق الاستقرار للشبكة الكهربائية في أوقات الذروة.
تستهدف مصر أن تصبح مركزًا إقليميًا للطاقة، يربط بين أسواق الطاقة في أفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط. ولتحقيق ذلك، تمتلك مصر مشروعات ربط كهربائي قائمة مع دول الجوار مثل السودان وليبيا والأردن، وتعمل على تنفيذ مشروع آخر مع السعودية، كما تدرس تنفيذ مشروعين للربط مع أوروبا عبر اليونان وإيطاليا.
تولي مصر اهتمامًا كبيرًا لتنمية قطاع الطاقة المتجددة، حيث تسعى للوصول بها إلى 42% من إجمالي الطاقة المولدة في عام 2030، و65% بحلول عام 2040. وقد تم إصدار قانون الكهرباء في عام 2015 لتمهيد الطريق للتحرير الكامل لسوق الكهرباء، وتخصيص الأراضي لتنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة، وتوقيع اتفاقيات شراء للطاقة طويلة الأجل. وتبلغ قدرات مصر الحالية من الطاقة المتجددة 8031 ميجاوات، وتستهدف البلاد إضافة 15 جيجاوات من الطاقة المتجددة ليتجاوز الإجمالي 22 ألف ميجاوات بحلول عام 2030.
على الرغم من القدرة الاسمية للشبكة الكهربائية على تحمل زيادة الاستهلاك، يرى حافظ سلماوي أن ذلك لا يمنع تعرض بعض المناطق لأعطال نتيجة ضغط الطلب الشديد. ويؤكد إمكانية مواجهة هذه الأعطال بسرعة من خلال صيانة المحولات والمحطات.
Comentarios